في ظلّ الأزمات المتتالية التي يشهدها لبنان، تتزايد التحدّيات أمام القطاعات الحيوية التي يعتمد عليها، ولا سيما قطاع الطيران. وفي هذا السياق، أجرت «الجمهورية» لقاءً خاصاً مع محمد عزيز، مستشار رئيس مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط (MEA) لشؤون السلامة، فعرض للتأثيرات المباشرة للأحداث الأخيرة على نشاط الشركة وعملياتها.
أوضح عزيز سبل مواجهة الـMEA لتداعيات الأزمة الراهنة، والاستراتيجيات المعتمدة لاستمرارها في ظل الظروف الاستثنائية. ومن خلال هذا الحوار، نستكشف كيف تتعامل الـMEA مع التحدّيات المستجدة، ورؤيتها حول مستقبل الطيران في لبنان وسط مشهد مليء بالمتغيّرات الميدانية اليومية.
في بداية الحديث، قدّم عزيز تقييماً للوضع الأمني الحالي وتأثيره على جدول رحلات الشركة، موضحاً أنّ المطار سيظل صلة وصل بين لبنان والعالم طالما أنّه يُستخدَم لأغراض مدنية، ممّا يبقي الأمل مفتوحاً أمام اللبنانيِّين للتواصل مع العالم الخارجي.
أما في ما يتعلّق بالإجراءات التي تُتخذ لضمان سلامة الرحلات فوق الأراضي اللبنانية، فقد أكّد أنّ السلامة مؤمّنة في كل الظروف، وأنّ الشركة تعتمد على معلومات من أهم المصادر اللبنانية والأجنبية حفاظاً على أمن الركاب وسلامتهم.
وأوضح عزيز أنّ تقييم المخاطر الأمنية يتمّ يومياً في ظل الأزمة الحالية، إذ تتخذ الشركة إجراءات، مثل تحويل مسار الطائرات أو تأخير الهبوط عند الضرورة، وبيّن ذلك أنّ «العدو يدرك تماماً أوقات إقلاع الطائرات المدنية وهبوطها ولا يشنّ غارات خلالها».
وفي ما يخصّ إلغاء الرحلات أو إعادة جدولتها، أفاد عزيز أنّ الأمر يعتمد على مسار الطائرات، لأنّه يُعاد تنظيم جدول الرحلات بحسب الحاجة. وأشار إلى أنّ التحدّيات تكمن حالياً في مطار بيروت نفسه، مؤكّداً أنّ اتخاذ قرار بإطلاق الرحلات أو إيقافها يتمّ بناءً على اعتبارات تجارية وأمنية، ما يستدعي أحياناً تقليص بعض الرحلات إلى وجهات معيّنة.
وعن خطط الطوارئ والتدريبات، أكّد عزيز وجود خطط متكاملة، تشمل خطة إخلاء المطار والطائرات في حال تصعيد الأحداث، مشيراً إلى تطبيق بعض هذه الخطط سابقاً، مثل تأخير عودة الطائرات من وجهات غربية، وإعادة الطائرات المتجهة شرقاً عند بدء القصف من إيران نحو أهداف معيّنة.
وعن توجيهات الحكومة، أوضح عزيز أنّ الشركة تلتزم بتعليمات السلطات اللبنانية والدول الأجنبية على حَدٍّ سواء. كما أشار إلى إجراءات السلامة المتخذة لحماية موظّفي الشركة، مثل تجهيز ملاجئ خاصة للحالات الطارئة، والتأكّد من جاهزيّتها دورياً. كما أكّد توافر قطع غيار كافية مخزّنة خارج بيروت، في حال تعرّض مطار رفيق الحريري الدولي لأي خطر، إذ تبقى القطع الأساسية في المطار للاستهلاك اليومي.
أمّا بالنسبة إلى أمن الوقود والبضائع، فإنّ الجهات الأمنية المختصة تتولّى عمليات الفحص والتأكّد من صلاحيّتها للاستخدام.
على صعيد آخر، ذكر عزيز أنّ طاقم تقديم الطعام تأثّر بالحرب على منطقة الضاحية الجنوبية لبيروت، إذ تمّ تعديل بعض الخدمات الغذائية على متن الرحلات، فباتت الوجبات تعتمد على السندويشات بدلاً من الأطباق المتعدّدة، مؤكّداً تفهّم الركاب للظروف الاستثنائية، ومعرباً عن أمله في إعادة تقديم خيارات متعددة للمسافرين في المستقبل.
وعلى رغم من التحدّيات، أشار عزيز إلى الأصداء الإيجابية من الركاب، إذ يشعر المسافرون بالإطمئنان لرؤية الطاقم متحلّياً بروح إيجابية وثقة، ما يعكس انطباعاً إيجابياً لديهم.
وفي ما يتعلّق بموظفي الشركة، أكّد عزيز اهتمام MEA بموظفيها وحرصها على تأمين النقل لهم عند الحاجة، فضلاً عن توفير أماكن موقتة لإيوائهم عند الضرورة، وذلك منذ بداية الحرب على الجنوب. كذلك شدّد على التزام الشركة بزيادة الأجور والحفاظ على الموظفين على رغم من الأزمة، مشيراً إلى اعتماد الشركة على أرباحها المتراكمة منذ عام 2001 لمواصلة الصمود.
في ختام الحوار، شدّد عزيز على أنّ الشركة، منذ تأسيسها، تُعدّ رمزاً لوحدة اللبنانيِّين بمختلف طوائفهم وميولهم السياسية، ولا تفرّق بين موظّفيها أو زبائنها، وهدفها الأساسي هو تنمية لبنان. وأكّد أنّ MEA عضو في لجان أمنية عدة ولجنة سلام، ولديها تنسيق كامل مع السلطات المحلية والدولية، ما يكسبها تقديراً واسعاً. وأضاف أنّ الشركة تعمل على التوعية ضدّ الهجمات السيبرانية، وتعكِف على تطوير أنظمتها للحماية من هذه التهديدات التي تواجهها يوميا تقريباً.
كما دعا الدولة إلى توفير كوادر جديدة، نظراً لنقص الموظفين في بعض الوظائف، مشيراً إلى أنّ ضريبة المطار تُخصَّص في معظم دول العالم لدعم المطار، بينما تُوجّه في لبنان إلى وزارة المال، ما يقلّل من عائدات الشركة.
أخيراً، عبّر عزيز عن فخره بجهود MEA في إبقاء لبنان على تواصل مع العالم وتعزيز الحركة الاقتصادية، قائلاً إنّ المطار يمثّل «شرياناً حيوياً يضخ دماءً جديدة في لبنان». وأكّد أنّ الشركة تطمح لمستقبل مزدهر، قائلاً: «تعلّمت خلال مسيرتي أن أخطِّط للأسوأ وأتمنّى حدوث العكس».